ما في شي أخطر على أي حملة تسويقية من إنك تكون بتخاطب الناس بلغة ما بيفهموها، أو تقدم لهم عرض يحكوا عنه “هاد ما إلنا”.
المشكلة ما بتكمن بالفكرة نفسها، المشكلة الحقيقية إنك أحيانًا بتحس إنو الفريق اللي صمم الحملة، جاي من كوكب ثاني، مش من واقع الناس اللي المفروض توصلهم الرسالة.
وهون، بتبدأ الكارثة التسويقية اللي ما بتنقاس بعدد الإعلانات أو البوستات أو الهاشتاغات، بل بعدد الناس اللي مرّوا عنها بدون ما يحسّوا بشي.
الحملة بالاتجاه، والناس بالاتجاه المعاكس
هاي الظاهرة منتشرة أكثر مما بنتخيل، وبتصير لما الشخص المسؤول عن الحملة أو التخطيط التسويقي يكون بعيد تمامًا عن البيئة الاجتماعية والثقافية للفئة المستهدفة.
يعني شخص ما عاش تجربتهم، ما شاف حياتهم اليومية، ما سمع شو بيحكوا لما يشترو، وما لاحظ كيف بيتصرفوا لما يشوفوا إعلان.
كل قراراته بتنبنى على أرقام وإحصائيات من “التقارير”، مش من الميدان.
خلينا نرجع شوي للواقع.
تخيل معي مدير تسويق عاش طول حياته في منطقة راقية، بيشتري أغراضه من مولات فخمة، بيأكل في مطاعم راقية، وبقضي عطلته في منتجعات.
هالمدير هو اللي قرر يطلق حملة لمتجر أحذية شعبي في منطقة متوسطة أو فقيرة.
فبيجي بفكرته “العالمية”:
“اشترِ 3 أحذية واحصل على الرابع مجانًا!”
بالنسبة إله، العرض منطقي ومغري.
بس بالنسبة للزبون الحقيقي؟ هو أصلاً جاي يشتري حذاء واحد بعد ما جمع ثمنه على مدار شهر.
فبيشوف الإعلان، بيضحك وبيقول:
“يا زلمة أنا مش طالع أشتري محل أحذية كامل!”
وهون بيكون الخلل القاتل، لأن التسويق ما صار أداة إقناع، صار أداة انفصال.
بدل ما تحسس الناس إنك فاهمهم، بتحسسهم إنك مش منهم.
المثال الأول: حملة “كوب قهوة يوميًا تغيّر حياتك!”
شوف هاي الحملة كيف ممكن تفشل.
بتطلع شركة استشارات مالية بحملة تقول:
“وفّر ثمن كوب القهوة اليومي، وبعد سنة رح يكون عندك استثمار حقيقي.”
الفكرة ممتازة من منظور “اللي بيشرب قهوته يوميًا بـ5 دولار”.
بس لما الحملة توصل لمنطقة معظم الناس فيها بتشرب قهوتها بـ0.5 دينار أو بتغليها بالبيت، الفكرة كلها بتصير غير واقعية.
الناس هون ما رح تشوف حالها بالمثال، لأنهم أصلًا مش بعالم الـ5 دولار.
المثال الثاني: إعلان “عيش التجربة الفاخرة” لسيارة اقتصادية
تخيل وكالة سيارات بتبيع سيارة اقتصادية سعرها حوالي 10 آلاف دينار، بتطلق حملة بعنوان:
“اختبر الفخامة اليومية”
وبتصور الإعلان بقصر، وشخص لابس بدلة من ماركة، وساعة فخمة، وبيفتح باب السيارة كأنه داخل طيارة خاصة.
المشكلة إنو الزبون المستهدف هو شاب أو رب عيلة بده سيارة يعتمد عليها بالمشاوير اليومية ويصرف عليها بنزين قليل، مش “يعيش تجربة فاخرة”.
فبيشوف الإعلان وبيحس إنو السيارة ما إلها علاقة فيه.
المثال الثالث: إعلان “اللياقة الراقية” في نادي بحي شعبي
نادي رياضي فتح فرع بمنطقة متوسطة، بس الحملة كانت عبارة عن صور لموديلات أجسامهم منحوتة، كلهم لابسين ملابس من ماركات عالمية، وصالة نظيفة كأنها فندق خمس نجوم.
الناس أول ما شافت الإعلان قالوا:
“هاد مش نادينا.”
النتيجة؟ الناس خافت تروح تشترك لأن الإعلان نفسه خلق شعور بالانفصال، وكأن المكان مش مخصص إلهم.
المثال الرابع: حملة “عيش التجربة الرقمية” لمطعم شعبي
مطعم صغير بده يعمل تحديث لتجربته الرقمية، فجاب شركة تسويق كبيرة، والنتيجة كانت حملة كلها مؤثرين بيصوروا الأكل بكاميرات احترافية وبيحكوا بالإنجليزي:
“The new digital dining experience!”
بينما زبائن المطعم الحقيقيين بيحبوا البساطة، وبروحوا هناك لأن الأكل زاكي وسعره مناسب.
النتيجة؟ الناس حسّت إن المطعم “تغيّر” وصار مش لإلهم، فانخفضت المبيعات.
التسويق مش “فن الكلام”، هو “فن الفهم”
الكارثة الأكبر إنو بعض المسوقين بيشوفوا حالهم فوق السوق.
يعني بدل ما ينزلوا يسمعوا الناس، بيضلوا بمكاتبهم، بيقرروا كيف الناس “المفروض” تفكر.
بس الحقيقة؟ السوق ما بيمشي بـ”المفروض”، السوق بيمشي بـ”الواقع”.
الناس ما بتشتري بناءً على نظرية تسويقية، بتشتري بناءً على إحساسها إن المنتج إلها، وإن الرسالة بتحكي بلغتها.
التسويق الحقيقي لازم يبدأ من الميدان مش المكتب.
بدك تعمل حملة عن منتج مخصص لأمهات البيوت؟ اقعد معهم.
اسمع شو بيحكوا لما يشتروا.
بدك تسوق لتطبيق طلاب جامعة؟ روح احضر محاضرات، وشوف كيف بتصرفوا.
بدك تبيع منتج لمجتمع محافظ؟ افهم شو الحلال والحرام في ثقافتهم قبل ما تطبع كلمة وحدة على الإعلان.
من الخطأ أن تُفكّر بعقلك فقط، فكّر بعقل جمهورك
الفجوة اللي بتصير مش دايمًا بسبب سوء نية أو غباء تسويقي، أحيانًا بتصير لأن الشخص المسؤول ببساطة ما عاش التجربة.
ما شم ريحة المكان، ما سمع الضحك أو التعب فيه، ما لمس طبيعة الحياة اليومية.
بيكون شافها من فوق، مش من جوّا.
زي اللي بدو يكتب عن البحر، وهو ما نزل الميّ بحياته.
كل حملة تسويقية لازم يكون وراها شخص “يحكي لغة الناس”، مش لغة الكتب.
لأن الناس ما بتهتم بشهادتك، بتهتم إذا حسّوا إنك “فاهمهم”.
لما الحملة تكون من القلب، بتوصل للقلب
شوف مثلاً حملات بعض العلامات المحلية اللي طلعت من الشارع حرفيًا.
تلاقيها بسيطة بالكلمات، عفوية بالتصوير، بس بتحس فيها صدق غريب.
لأنها طالعة من بيئة الناس، من لغتهم.
بيحكوا مثلهم، بيضحكوا مثلهم، وبيحكوا عن مشاكلهم اليومية.
ما في تزويق، ما في مصطلحات ضخمة، بس في “فهم”.
وهون بالضبط السر اللي كثير شركات كبيرة نسته.
لما يغيب الفهم الثقافي... بيغيب التأثير
في عالم التسويق، في قاعدة بسيطة بس قوية:
"ما بتقدر تبيع لحدا ما بتفهم كيف بيفكّر."
هاي الجملة لو نحفرها على باب كل قسم تسويق، ممكن تختصر على الشركات ملايين.
السبب إن التسويق مش مجرد عروض وأسعار، التسويق هو لغة.
وكل لغة إلها لهجة، وإلها إحساس، وإلها سياق اجتماعي لازم تنولد فيه.
المشكلة إن كثير من الشركات اليوم صارت تتعامل مع السوق العربي أو المحلي كأنه “نموذج اقتصادي” مش “مجتمع إنساني”.
فبيصيروا يقرؤوا الفئة المستهدفة كأرقام، مش كأشخاص.
وهي اللحظة اللي بيبدأ فيها الانفصال الكبير بين الحملة والناس.
الفهم الثقافي مش رفاهية… هو الأساس
خلينا نحكي بصراحة:
الفهم الثقافي مش “ديكور” أو “إضافة لطيفة” في التسويق، هو العامل اللي بيحدد إذا الرسالة راح توصل أو تنرفض.
مثلاً:
شركة أزياء عالمية عملت حملة في الشرق الأوسط تحت شعار:
“Express yourself freely”
الفكرة ممتازة عالمياً، بس التنفيذ كان صور بنات بملابس مكشوفة بطريقة ما بتتناسب مع عادات وثقافة المنطقة.
النتيجة؟ الحملة واجهت موجة غضب ومقاطعة، رغم إن النية كانت إيجابية.
ليش؟ لأنهم نسوا إن “حرية التعبير” عند الناس هون إلها مفهوم مختلف عن الغرب.
التسويق لازم يحترم عقل الناس لا يستخفّ فيه
واحدة من أسوأ الأخطاء اللي بتصير لما الفريق التسويقي يفكر إنو “بيعرف أحسن من الزبون”.
يعني بدل ما يسمع الناس شو بدها، بيقرر هو شو لازم تحب.
وهي كارثة لأنه بيفترض إن الناس أقل وعيًا.
خذ مثلًا شركة غذائية أطلقت حملة لمنتج “صحي” وقالت للناس:
"ابدأ صباحك بدون سكر!"
بينما أغلب الزبائن من فئة بتحب الشاي المحلّى جدًا، وبتربط الطعم الحلو بالراحة النفسية.
الحملة طلعت ضد نمط الحياة اللي بيحبوه.
بدل ما توعيهم تدريجيًا، هاجمت عادتهم مباشرة.
فانقلبوا ضدها.
التسويق مش بس توصل رسالة، التسويق هو كيف “تحكي الرسالة بالطريقة اللي الناس تتقبلها”.
البيئة الاجتماعية تحدد شكل القرار الشرائي
اللي بيعيش بالمدن الكبرى مش مثل اللي بالقرى.
اللي دخله ثابت شهريًا مش مثل اللي رزقه يومي.
واللي عنده 3 أولاد مش مثل اللي لسه عازب.
كل فئة إلها دوافع نفسية واجتماعية بتخليها تشتري أو ترفض.
خذ مثلًا حملة شركة أثاث بتحكي:
“جدّد بيتك كل موسم!”
فكرة حلوة للي ساكن بشقة فخمة ودخله عالي.
لكن لرب عيلة متوسط، بتصير الحملة مستفزّة أكثر من مغرية.
لأنه ما بيقدر يغيّر الأثاث كل موسم حتى لو بده.
فبدل ما توصل الفكرة "خلّ بيتك أجمل"، وصلت "إنت فقير".
لا تسوّق من فوق... انزل على الأرض
من أقوى الحملات اللي نجحت هي اللي طلعت من قلب الشارع.
المسوق الناجح ما بيجلس بمكتبه، بينزل يحكي مع الناس.
بيروح على السوق، بيحضر جلساتهم، بيسمع كلامهم، بيشوف كيف بيشتروا، كيف بيجادلوا.
بيسأل: “ليش اشتريت هالمنتج مش غيره؟”
“شو حسيت لما شفت الإعلان؟”
الفرق بين “تسويق مكتبي” و”تسويق ميداني” زي الفرق بين اللي بكتب عن المطر وهو واقف تحته، واللي بكتب عنه من غرفة مكيفة.
شركات مثل P&G و Unilever عندها فرق تسويق بتعيش فعليًا بالمناطق المستهدفة قبل إطلاق المنتج.
بيروحوا على بيوت الناس، بيقعدوا معهم، بيلاحظوا العادات الصغيرة.
بيتعلموا مثلًا إن الناس ممكن تفضل عبوة غسيل أصغر لأنها أسهل للحمل، مش لأنها أرخص.
وهاي التفاصيل البسيطة هي اللي بتخلي المنتج ينجح.
الترجمة الحرفية تقتل الروح التسويقية
من أكثر الأخطاء اللي بتصير لما الشركات العالمية تدخل سوق جديد، إنها تترجم شعارها أو حملتها “حرفيًا” بدون فهم السياق المحلي.
وهون بتصير الطامة الكبرى.
مثلًا:
شركة مشروبات مشهورة ترجمت شعارها العالمي “Brings you back to life” إلى “يُعيدك إلى الحياة”.
الناس أخذوها بمعنى “كنت ميت ورجعت!”
وصارت مادة للسخرية.
التسويق ما بينفع بالترجمة، بينفع بالتحويل الثقافي.
يعني لازم تفهم كيف تعبّر عن نفس الفكرة بلغة الناس ووجدانهم، مو بمجرد كلمات.
الجيل الجديد... عالم مختلف داخل نفس المجتمع
من ناحية ثانية، حتى داخل نفس المجتمع، في جيل جديد لازم يتفهم بطريقة مختلفة.
جيل ما بيحب الإعلانات التقليدية، ما بيصدق الكلام الرسمي، وما بيثق بسهولة.
هاد الجيل بده حوار مش إعلان، بده قيمة مش صورة.
يعني لما تعمل حملة تسويقية تستهدف الشباب، لازم تحكي بلغتهم، مش بلغة الإدارة العليا.
بدهم يشوفوا إنك بتفهمهم، مش إنك بتبيعهم.
خذ مثال بسيط:
حملة بنك حاول يسوّق حساب توفير للشباب، واستخدم شعار:
“ادّخر لمستقبلك منذ الآن!”
الشباب شافوها مملة.
لكن لما بدّلوا الحملة إلى:
“حرّر مستقبلك من الديون”
صار الإقبال أكبر.
ليش؟ لأن الرسالة صارت بتحكي عن “تحرر” مش “حرمان”، نفس المعنى المالي لكن بإحساس مختلف.
البيئة الدينية والقيمية جزء لا يتجزأ من القرار التسويقي
كتير حملات بتفشل لأنها تتجاهل الحس الديني أو الأخلاقي في مجتمعاتنا.
بتحاول تروّج لمفاهيم أو صور بتخالف الموروث القيمي، فبتخسر تلقائيًا ثقة الجمهور.
على سبيل المثال، مطعم أجنبي حاول يعمل حملة بعنوان:
“افطر كما تشاء!”
ونشرها بأيام رمضان في دولة عربية!
أكيد انقلبت الدنيا عليه.
مش لأن الناس ضد الحرية، بل لأن التوقيت والمكان ما احترموا قدسية الشهر.
وهون بيتأكد المعنى إن التسويق لازم يكون واعي ثقافيًا ودينيًا مش بس تجاريًا.
“الناس ما بدها كماليات، بدها إحساس إنها مفهومة”
المستهلك العربي بالذات عنده حساسية عالية تجاه “التفاهم”.
يعني بيحب يحس إن الشركة أو البراند فعلاً “فاهمه” وبتحترم ظروفه.
مش ضروري تعطيه عرضًا كبيرًا، أحيانًا كلمة صادقة أو طريقة عرض بسيطة كافية تخليه يختارك.
مثلاً، سوبرماركت محلي عمل حملة عنوانها:
“اللي بتحتاجه، بسعر بتقدره.”
الناس حبوها جدًا لأنها بتحكي عنهم.
ما وعدتهم بأوهام، ما استعرضت، بس لامست واقعهم.
التسويق الحقيقي يبدأ من الناس… مش من البوربوينت
لما نحكي “افهم جمهورك”، إحنا ما بنحكي شعارات.
إحنا بنحكي عن أهم مهارة ممكن تميّز بين تسويق بيعمل أثر، وتسويق بيضيع بالمجال الصوتي.
الحملات التسويقية الناجحة مش بس بتبيع منتج،
هي بتخلق شعور بالانتماء، وبتخلي الناس يحسّوا إن البراند “إلهم”.
وهون بيصير الفرق بين إعلان عابر، ورسالة بتعيش بذاكرة الناس سنين.
أولاً: انزل للميدان قبل ما تفتح الإكسل
أكبر خطأ إنك تبدأ بالتقارير بدل الميدان.
كل مدير تسويق لازم يخصص وقت ينزل فيه فعليًا على بيئة العملاء.
يروح الأسواق، يسمع اللهجات، يشوف التفاعل، يشوف شو بيضحك الناس وشو بيزعجهم.
يشوف ليش بيشتروا من هاد المحل مش غيره، ليش بيرجعوا له.
في الأردن مثلًا، كثير من الحملات ما بتنجح لأن الفريق التسويقي ما جرّب يعيش بنفس طريقة المستهلك اليومي.
في فرق كبير بين اللي بيروح السوبرماركت بسيارة واللي بيروح مشيًا، بين اللي بيشتري بالقطعة واللي بيشتري بالجملة.
هاي التفاصيل الصغيرة بتصنع كل الفارق في القرار الشرائي.
المسوق الشاطر مش اللي عنده أجمل عرض،
هو اللي عنده أصدق فهم.
ثانيًا: اعمل حملاتك بلغة الناس لا بلغة الإعلان
واحدة من أهم القواعد: احكي بلغتهم.
ما حدا بدو يسمع جمل تسويقية منسوخة من الإعلانات الأجنبية.
احكي مثلهم، استخدم كلماتهم اليومية، لكن بإحساس راقٍ وصادق.
بدل ما تقول “عروض مدهشة على جميع الأصناف”، احكي:
“اللي كنت ناوي تشتريه… صار وقته.”
جملة بسيطة، بس فيها دفء، قريبة من القلب.
في السعودية مثلاً، واحدة من أنجح الحملات لمتجر إلكتروني استخدمت لغة الناس اليومية بالضبط،
حكوا بنفس المصطلحات المحلية، بنفس طريقة المزاح، النتيجة؟ التفاعل كان بالملايين.
الناس ما بتحب الإعلانات، بتحب اللي بيحكي مثلها.
ثالثًا: خليك “شريك” للناس مش “بائع” لهم
البراند الذكي ما بيوصل للناس بصفة “أنا بدي أبيعك”،
بل “أنا فاهمك، وعم بقدملك شي بينفعك”.
الفرق دقيق جدًا لكنه عميق بالتأثير.
مثلاً، بدل ما تقول “اشترك الآن لتربح خصمًا 30٪”،
قول “وفّر على حالك، وإحنا معك.”
نفس الهدف، لكن الرسالة الثانية فيها حس شراكة وتقدير.
الناس اليوم صار عندها حساسية من الاستغلال التجاري.
بدها تحس إنك عم تقدم خدمة مش صفقة، وإنك بتفكر فيهم مش بمحفظتهم.
رابعًا: درّب فريقك على “الذكاء الاجتماعي” مش بس المهني
التسويق مش بس مهارة مهنية، هو مهارة إنسانية قبل كل شي.
لازم المسوّقين يفهموا علم الاجتماع، علم النفس، العادات المحلية، والديناميكيات الثقافية.
بدونها، بيصير عندهم أداة بس بدون روح.
شركات عالمية مثل “كوكاكولا” و”نايكي” و”بيبسي” بتدفع ملايين سنويًا بس لتدريب فرقها على الفهم الثقافي.
مش لأنهم بيحبوا الترف، لكن لأنهم بيعرفوا إن أي خطأ ثقافي ممكن يحرق العلامة بالكامل.
في العالم العربي، شفنا كثير حملات انقلبت ضد نفسها لأنها تخطّت حدود المجتمع بدون قصد.
واحدة استخدمت رموز دينية بأسلوب دعائي، وبدل التفاعل الإيجابي، صار في مقاطعة شاملة.
النية كانت بريئة، لكن الجهل الثقافي كان مكلفًا.
خامسًا: وظّف ناس من الفئة المستهدفة نفسها
بدل ما تعيّن فريق تسويق “راقي” يفكر نيابة عن الناس، عيّن ناس من الناس.
اللي عاشوا التجربة، اللي بيعرفوا شو بيفرح وشو بيجرّح.
هاي الخطوة لحالها بتختصر عليك عشرات الأخطاء.
تخيل حملة عن منتج مخصص للأمهات، يقودها شباب ما عندهم أي احتكاك بعالم الأمهات!
أكيد الرسالة بتطلع سطحية.
لكن لو كانت ضمن الفريق أم عندها تجربة، رح تلاحظ تفاصيل محدش غيرها يفكر فيها.
من طريقة الكلام، لاختيار الصور، لأسلوب الطرح.
الناس ما بدها كماليات لغوية، بدها واقعية.
سادسًا: راقب التفاعل الحقيقي مش أرقام الإعجابات
من أكبر الفخاخ اليوم إن الشركات تقيس نجاح حملاتها بعدد اللايكات أو المشاهدات.
بس الحقيقة؟ النجاح الحقيقي هو التفاعل الواقعي:
هل الناس فعلاً اشترت؟
هل صار في ثقة بالعلامة؟
هل حسّوا إن البراند “إله معنى” بالنسبة إلهم؟
في حملات بتوصل لملايين الناس، بس ما تبيع ولا قطعة.
وفي حملات بسيطة، فيديو مصوّر بالجوال من موظف بسيط، يجيب نتائج خرافية،
لأنه كان صادق، طبيعي، حقيقي.
الناس اليوم تشمّ “الاصطناع” من أول ثانية.
فكلما كنت طبيعي أكثر، كنت أقرب.
سابعًا: افهم الديناميكيات الطبقية والاجتماعية
نقطة حساسة جدًا، بس لازم تنحكى.
في العالم العربي في تباين كبير بين الطبقات الاجتماعية،
وهذا لازم يكون واضح جدًا بفهم التسويق.
مش يعني نميز الناس، بل نفهم أولوياتهم.
اللي يعيش في منطقة راقية أولويته “الراحة والتميّز”.
اللي يعيش بمنطقة شعبية أولويته “القيمة مقابل المال”.
اللي يعيش بريف أو ضاحية أولويته “الثقة والعلاقات”.
فما بصير تطبّق نفس الأسلوب على الكل.
حملة واحدة بنفس الشكل للجميع معناها فشل أكيد.
إحدى شركات الاتصالات جرّبت حملة بلغة “فخمة” جدًا لمناطق شعبية،
وكانت النتيجة صفر تفاعل، لأن الناس حسّوا إن الإعلان مش موجّه إلهم.
لكن لما بدّلوا اللهجة، وصاروا يستخدموا كلمات الناس نفسها،
صار الإعلان حديث الشارع.
ثامنًا: التوقيت… جزء من الثقافة مش من الجدول
كثير حملات بتفشل لأنها بتتجاهل التوقيت الاجتماعي والديني والنفسي.
يعني مثلاً، بتشوف حملة فخمة عن “سفر واستجمام” تنزل بنفس أسبوع المدارس!
أكيد الناس مش رح تتفاعل، لأن تفكيرهم وقتها بالكتب والرسوم.
الوعي الزمني لازم يكون جزء من كل حملة.
في رمضان، مثلاً، الرسائل لازم تكون أكثر دفءً وارتباطًا بالعطاء،
مش بالترف أو الرفاهية.
وفي فترات اقتصادية صعبة، الرسائل لازم تكون متواضعة وواقعية.
التسويق الذكي ما بعتمد على “التقويم السنوي”،
بعتمد على “نبض الناس”.
تاسعًا: خفف الغرور، وزد الإنصات
الخطأ القاتل إنك تفكر إنك تفهم السوق أكثر من الناس نفسها.
السوق بيتغيّر كل يوم، والناس كمان.
اللي نجح اليوم مش شرط ينجح بكرة.
لهيك، لازم تبقى تسمع، تتعلّم، وتعدّل.
حتى الشركات العملاقة لما بتغلط، بتعتذر وتعيد الحملة.
الغرور التسويقي أكبر سبب خسارة.
أما الإنصات، فهو سرّ الديمومة.
عاشرًا: التسويق الناجح… هو تسويق "متواضع"
ما في أجمل من براند بيحكي ببساطة، من غير تصنّع.
بيقول “إحنا هون لنخدمك” مش “إحنا الأفضل في العالم”.
الناس بتحب العلامات اللي بتحسسها إنها قريبة، مش اللي بتتعالى عليها.
المنتجات العظيمة ما تحتاج تصرخ،
بتتكلم بصمتها، وصدقها، وتواضعها.
خلاصة المقال: افهم قبل ما تبيع
الفجوة بين التسويق والمجتمع مش مجرد مشكلة مهنية،
هي أزمة وعي.
لما المسوّق يفقد حسه بالناس، بيصير مثل ممثل نسي نص الدور،
يتكلم، بس محد يسمع.
النجاح مش إنك تعمل حملة تذهل لجنة الإدارة،
النجاح إنك تعمل حملة تخلي الناس العادية تقول:
“يا أخي، هاد الإعلان كأنه عني.”
هون، وبهاللحظة بالذات، بتكون وصلت.
مش لأنك مسوّق عبقري، بل لأنك إنسان فاهم الإنسان.
وبهيك، بتكون الصورة اكتملت:
ما في شيء اسمه “فشل تسويقي بلا سبب”،
كل فشل سببه فجوة بين “من يخطط” و”من يعيش الواقع”.
والحل؟ ببساطة، انزل من برجك العالي، وامشِ بين الناس،
لأن التسويق مش علم لوحده…
التسويق هو علم + إحساس + احترام.