خلينا نحكي بصراحة وبالأسلوب الواقعي اللي بنعيشه كل يوم بالشركات…
مين فعلاً المسؤول عن التواصل بالمؤسسات؟
هل هو قسم التسويق؟ ولا العلاقات العامة؟ ولا كل مدير لازم يتكفّل بالتواصل ضمن نطاقه؟
والأهم: مين المفروض يتحمّل مسؤولية تمثيل البراند، وصوت المؤسسة، وهويتها، ورؤيتها، ورسالتها قدّام الجمهور الداخلي والخارجي؟
من أولها، قبل ما نغوص بالنقاش، لازم نتفق على نقطة أساسية:
المشكلة مش دايمًا في “مين المسؤول”، المشكلة في إن ما في تعريف واضح للوظائف من الأساس.
في مؤسسات ما بتفرّق بين التسويق وPR، ولا بتعرف وين تنتهي صلاحيات كل قسم وتبدأ صلاحيات الثاني.
وهون تبدأ الفوضى.
🎯 أولاً: كيف نرسم حدود المسؤولية؟
الأساس في أي مؤسسة ناجحة هو وجود تعريف واضح لكل وظيفة.
يعني لما نحكي “تواصل مؤسسي”، نعرف بالضبط شو المقصود.
هل هو إدارة المحتوى الإعلامي؟ ولا الإشراف على رسائل التسويق؟ ولا الرد على الجمهور والأزمات؟
الوضوح هون بيبدأ من ثلاث عناصر:
-
الهدف: ليش الوظيفة موجودة؟ شو القيمة اللي بتضيفها للمؤسسة؟
-
الأدوات: شو القنوات اللي بتستخدمها لتحقيق الهدف؟ (إيميلات، إعلانات، إعلام، سوشال ميديا، إلخ).
-
الصلاحيات: لحد وين يوصل القرار؟ ومن يحق له يتحدث باسم المؤسسة؟
إذا هالثلاث نقاط مش واضحة من البداية، فالمؤسسة كلها راح تمشي بتخبط… وكل قسم يشتغل بطريقته، وتضيع الرسالة الأساسية للبراند.
🔵 البراند (العلامة التجارية): هوية المؤسسة وروحها
البراند مش مجرد لوجو أو ألوان.
هو الانطباع الكلي اللي بيحمله الناس عن المؤسسة.
البراند بيجمع كل شي:
-
الرؤية (إحنا وين رايحين؟)
-
الرسالة (ليش إحنا موجودين؟)
-
القيم (كيف نتصرف ونتعامل؟)
-
الهوية البصرية واللغوية (كيف نظهر ونحكي؟)
البراند لازم يكون المرجع الأول لكل أقسام المؤسسة، مو بس للتسويق.
يعني حتى موظف الـHR أو خدمة العملاء لازم يعرف شو يعني البراند اللي بيمثله، ويترجمه بتصرفاته وطريقة تواصله.
🔵 التسويق: الجاذب اللي يحكي بلغة السوق
قسم التسويق، خصوصاً الديجيتال ماركتنج، هو اللي يتعامل بشكل مباشر مع الجمهور المستهدف.
دوره الأساسي إنه “يبيع” من خلال فهم احتياجات العميل والترويج للمنتجات أو الخدمات بطريقة جذابة.
لكن المشكلة بتصير لما التسويق يبدأ يخلق هوية خاصة فيه تختلف عن البراند الأصلي.
يعني مثلاً مؤسسة هدفها “خدمة المجتمع” بس تسويقها بيحكي بلغة “الربح السريع” أو “العروض المبهرة” بدون ما يراعي قيمها.
هون يصير الانفصال بين “الهوية” و“الرسالة”.
فالمفروض التسويق يشتغل تحت مظلة البراند، مش العكس.
البراند يحدد الاتجاه، والتسويق ينفذ.
🔵 العلاقات العامة: الصوت الرسمي والدرع الواقي
أما قسم العلاقات العامة (PR) فدوره أكبر من مجرد إرسال بيانات صحفية أو تنظيم فعاليات.
هو المسؤول عن:
-
بناء سمعة المؤسسة داخلياً وخارجياً.
-
إدارة الأزمات والتعامل مع الإعلام.
-
تعزيز العلاقات والشراكات مع الجهات الخارجية.
يعني لما تصير أزمة أو إشاعة أو مشكلة بالشارع، العلاقات العامة هي الجهة اللي تمسك الموقف، توضح، وتدير الحدث بعقلانية.
بينما التسويق ممكن يتراجع بهيك لحظات، العلاقات العامة لازم تكون بالواجهة، لأنها “صوت المؤسسة الرسمي”.
⚙️ أدوات التنفيذ تختلف، بس الخط واحد
سواء استخدمنا إعلانات إلكترونية أو إيفنتات أو مقابلات إعلامية أو حتى حملات بريدية، بالنهاية الهدف واحد:
نوصل رسالة المؤسسة بنفس الروح واللهجة والهوية.
يعني ما بصير حملة التسويق تحكي بلغة شبابية خفيفة، بينما العلاقات العامة تطلع ببيان جامد ورسمي.
وما بصير المدير التنفيذي يصرّح بتصريح يناقض بوست نُشر على صفحات الشركة.
كل القنوات لازم تتكلم بلغة واحدة، متناسقة مع هوية البراند.
🧭 مين يتابع هذا الخط ويتأكد من انسجامه؟
هون السؤال الصعب اللي ما إله جواب واحد.
الإجابة بتعتمد على حجم المؤسسة ونضجها التنظيمي.
-
بالمؤسسات الصغيرة: غالباً التسويق هو اللي يمسك كل الخيوط.
هو اللي يدير السوشال ميديا، ويكتب المحتوى، ويرد على التعليقات، وأحياناً ينسّق مع الصحافة.
وهون طبيعي يصير خلط بين “تسويق” و“تواصل مؤسسي”. -
بالمؤسسات المتوسطة: يبدأ الانفصال التدريجي.
العلاقات العامة تتولى الجانب الرسمي والسمعة، والتسويق يركّز على العملاء والمبيعات.
بس لازم يكون بينهم كووردينيشن قوي حتى ما يصير تضارب بالرسائل. -
بالمؤسسات الكبيرة أو الحكومية: بيكون في قسم خاص اسمه Corporate Communications، مسؤول عن ضبط الخط الإعلامي الموحد، وتنسيق الرسائل بين جميع الأقسام.
هذا القسم يشتغل تحت مظلة إدارة عليا، وعنده سياسات دقيقة لكل تصريح أو منشور أو بيان.
🧩 التواصل المؤسسي: الغراء اللي يربط الكل
التواصل المؤسسي (Corporate Communication) هو الرابط بين التسويق والعلاقات العامة والإدارة العليا.
وظيفته مش يكرر شغلهم، بل ينظّم الإطار اللي الكل يشتغل ضمنه.
يعني:
-
يحدد Tone of Voice الرسمي للمؤسسة.
-
يراقب اتساق الرسائل في كل القنوات.
-
يشرف على التفاعل الإعلامي والإلكتروني.
-
يضمن أن كل محتوى صادر يعكس الرؤية والرسالة بوضوح.
هذا القسم أشبه بـ “المايسترو” اللي ينسّق بين الآلات الموسيقية، حتى ما يصير نشاز بأي نغمة.
🧱 الأساس: السياسات، الكايدلاينز، والبروسيجرز
كل الجهود السابقة ممكن تنهار لو ما في وثائق تنظّم العمل.
-
Policies (السياسات):
تحط القواعد العامة، مثلاً: مين يحق له التصريح؟ شو القنوات الرسمية للتواصل؟ كيف نتعامل مع الإعلام؟ -
Guidelines (الكايدلاينز):
تشرح بالتفصيل كيف نطبق السياسات، مثل دليل الهوية البصرية أو دليل الكتابة الإعلامية أو دليل إدارة الأزمات. -
Procedures (البروسيجرز):
توضح الخطوات العملية، مثلاً:
“إذا صار انتقاد على السوشال ميديا → من يرد؟ خلال كم ساعة؟ بأي أسلوب؟”
هاي الأدلة هي اللي بتحافظ على تماسك الصورة العامة للمؤسسة مهما تغير الأشخاص.
🧠 لما يختلف الأشخاص… من يحسم القرار؟
أحياناً مشكلتنا مش في الأقسام، بل في الأشخاص.
في بعض المؤسسات، شخص قوي بالتسويق يفرض أسلوبه حتى على العلاقات العامة.
وفي غيرها، مدير العلاقات العامة يكون صاحب القرار الإعلامي المطلق حتى في الحملات الإعلانية.
وهون يصير الخلل لما يغيب التنسيق، أو لما المؤسسة تمشي بالـ “مزاج” بدل الـ “نظام”.
الحل؟ وجود إدارة مركزية للتواصل المؤسسي تكون مرجع واضح، وتخضع مباشرة للإدارة العليا حتى تقدر تضبط كل الاتجاهات.
🔍 تجربة Relink Meet – النسخة التاسعة
في لقاء “Relink Meet” الأخير اللي كان بعنوان:
“العلاقات العامة والتواصل المؤسسي | Public Relations and Corporate Communications”
انفتح نقاش واسع حول هاي الفكرة بالضبط.
تجارب الناس اختلفت:
-
في شركات كان التسويق هو اللي يقرر كل شيء، وPR دوره ثانوي.
-
وفي مؤسسات ثانية، العلاقات العامة هي الواجهة، والتسويق مجرد أداة تنفيذ.
-
وبعضهم قال: عندنا قسم تواصل مؤسسي مركزي، يضبط كل شي من الأعلى.
بس الكل اتفق على شغلة وحدة:
إذا ما في انسجام بين الأقسام، صورة المؤسسة راح تطلع مشوشة ومتناقضة.
🗣️ المؤسسات مش بس “تتواصل”… المؤسسات “تحكي قصتها”
التواصل المؤسسي الناجح مو بس نشر منشورات أو بيانات.
هو بناء “قصة المؤسسة” اللي الناس بتآمن فيها.
اللي لما يشوفوا شعارها أو يسمعوا اسمها، يعرفوا بالضبط شو بتمثل.
هاي القصة لازم يشارك فيها الكل:
-
من الـCEO اللي يوجّه الرؤية،
-
لمدير التسويق اللي يروّج،
-
لمدير العلاقات العامة اللي يحمي السمعة،
-
وحتى الموظف البسيط اللي يتعامل مع العملاء يومياً.
البراند الحقيقي مش يُصنع بالمكاتب، يُصنع بالناس اللي بتمثله كل يوم.
🧩 بالنهاية…
السؤال “مين المسؤول عن التواصل بالمؤسسات؟”
جوابه مش اسم قسم…
جوابه “منظومة كاملة” تشتغل بتناغم، تحت هوية وحده، وبرؤية واضحة.
لأن التواصل مش مجرد وظيفة، هو نَفَس المؤسسة.
وإذا النفس كان متقطع، ما رح توصل الرسالة صح، مهما كانت أدواتك قوية.
⬅️ طيب، سؤالي إلكم:
بالمؤسسات اللي اشتغلتوا فيها، كانت الحدود بين التسويق وPR واضحة؟
ولا لسه كل قسم بيحكي بلغته وبيعتبر نفسه المتحدث الرسمي باسم البراند؟