في مجتمعاتنا اليوم، صار تبرير الفشل عادة أكثر من كونه حالة استثنائية. الناس تكرر نفس الجمل المحفوظة: “أنا عندي خبرة، بس الظروف ما ساعدتني.”، “أنا بستاهل أكتر من هيك، بس ما كان إلي حظ.”، “لو ما صار كذا، كنت وصلت لمكان كبير.” — وكأن الظروف تحولت إلى شماعة جماعية نعلق عليها كل إخفاقاتنا، بدل ما نواجه أنفسنا بالحقيقة المؤلمة: السوق ما بهمه قصتك، السوق بهمه نتيجتك.
السوق ما بسألك عن تعبك، ولا عن عدد السنين اللي اشتغلت فيها، ولا عن عدد الكورسات اللي أخدتها، ولا حتى عن كم مرة حاولت وفشلت. السوق بسألك سؤال واحد بسيط: شو عندك تقدم اليوم؟ شو بتقدر تنجز فعلاً؟
العالم الواقعي قاسي، لكنه منصف بطريقة غريبة — ما بعترف بالعواطف أو النوايا، بعترف فقط بالنتائج. وإذا بدك مكانك بين الناجحين، لازم تكون جاهز تواجه هالحقيقة بدون أعذار.
منطق الأعذار: كيف بتقتل فيك الحافز؟
اللي بيعيش بعقلية “الظروف” بيضل دايمًا عالق بدائرة مفرغة. بيقنع حاله إنه “مش وقته”، أو “مش جاهز بعد”، أو “ما في إمكانيات.”، بس بالحقيقة، ولا يوم رح يكون الوقت مثالي. اللي بيستناك حتى الظروف تصير مريحة، رح يمضي عمره ينتظر.
الفرص الحقيقية بتخلقها لما تتصرف رغم الخوف، مش لما يختفي الخوف. بتتحرك رغم الشك، مش لما تصير متأكد. بتبدأ رغم النقص، مش لما تحس إنك كامل.
الفرق بين شخص ناجح وشخص عالق مش بالذكاء ولا بالحظ، الفرق إن الأول اشتغل رغم التعب، والثاني جلس يبرر تعبه. الأول تصرف، والثاني فسّر ليش ما تصرف.
الكسل المقنّع بالأناقة
الكسل اليوم ما عاد يجي بصورته القديمة — مش إنك قاعد على الكنبة وما بدك تعمل شي. الكسل صار أنيق، لابس بدلة الأعذار.
بتشوف واحد بيحكي عن مشروعه اللي “رح يبلش فيه قريب” من سنتين. أو واحد بيحكي إنه عنده فكرة عظيمة بس “بدها دعم.” أو شخص تاني بيقول “لو معي فريق مناسب كنت كسّرت الدنيا.”
بس لما تفتش ورا هالكلام، بتكتشف إنه ولا مرة فعليًا حاول. لا جرب، ولا فشل، ولا تعلم من فشل.
هو مرتاح بدور “الضحية” لأن الضحية ما عليها مسؤولية. ما حدا بيلومها. بس القائد، اللي بياخد خطوة فعلية، هو اللي بيتعرض للنقد، وبيتحمل تبعات قراراته.
القوة الحقيقية: إنك تتحرك حتى لو لحالك
القوي مش اللي عنده دعم، أو فلوس، أو بيئة مثالية. القوي هو اللي بيشتغل حتى لو الكل ساكته، حتى لو محدا مؤمن فيه.
القوة مش إنك ما تتأثر، القوة إنك تتأثر وتكمل. مش إنك تكون جاهز 100%، القوة إنك تبدأ بـ60% وتتعلم خلال الطريق.
في ناس عندها مئات الأفكار، بس ما نفذت ولا وحدة. وناس عندها فكرة وحدة بسيطة، اشتغلت عليها بصدق، واليوم عندها إنجاز حقيقي.
السوق ما بيكافئ اللي “كان ممكن ينجح”، السوق بيكافئ اللي اشتغل فعليًا. العالم ما بيتذكر النوايا، بيتذكر النتائج.
النجاح مش ضربة حظ، النجاح تراكم خطوات صغيرة
اللي بيشوف شخص ناجح، عادةً بشوف النتيجة النهائية بس، وما بشوف العشرين سنة اللي قبلها. بشوف الإنجاز، مش الجهد.
بس الحقيقة إن النجاح ما بيجي فجأة. بيجي من تراكم خطوات صغيرة جداً — من قرار إنك اليوم تشتغل بدل ما تشتكي، إنك تكتب أول سطر، إنك تبعث أول إيميل، إنك تتعلم مهارة جديدة بدل ما تضيع وقتك على المقارنة.
كل نجاح كبير كان ببدايته خطوة بسيطة قرر صاحبها ياخدها بدون انتظار المثالية.
المقارنة سمّ بطيء
أحد أخطر أسباب الأعذار هو المقارنة. لما تشوف غيرك متقدم، بتبدأ تقنع نفسك إنو نجاحه جاي من ظروفه، مش من شغله. بتحكي: “أكيد عنده علاقات.” “أكيد عنده واسطة.” “أكيد حظه أحسن.”
بس هاي المقارنة بتسرق منك الطاقة بدل ما تعطيك دافع. بدل ما تحلل شو عمل صح، بتضيع وقتك بتحلل ليش هو نجح.
وهيك بتتحول المقارنة من مصدر إلهام إلى مبرر للعجز.
الشجاعة مش غياب الخوف، الشجاعة إنك تتحرك رغم الخوف
ما في إنسان ناجح ما خاف. الكل خاف بالبداية. اللي كتب أول كتاب، اللي أسس أول شركة، اللي صوّر أول فيديو، كلهم خافوا.
بس الفرق إنهم ما استنوا يختفي الخوف. تحركوا وهو موجود.
اللي بيستنى يختفي الخوف رح يضل واقف طول عمره. واللي بيتعلم يتعايش مع الخوف، رح يمشي خطوة بخطوة لحد ما يصير الخوف جزء من رحلته مش عائق إلها.
السوق عقلاني، بس الحياة كريمة
السوق ما عنده مشاعر، فعلاً. ما بهمه إنك نيتك طيبة، أو عندك حلم جميل. السوق بهمه النتائج.
بس الحياة كريمة، لأنها بتعطي فرص لأي شخص مستعد يتحرك.
كل مرة بتشتغل فيها بصدق، حتى لو محدا شايفك، الحياة عم تجهزلك لحظة الاعتراف. مش لازم الناس تعرف شو عم تعمل، المهم ما توقف.
الثبات أهم من السرعة، والاستمرارية أقوى من الانفجار اللحظي.
خطوات عملية بدل الأعذار
-
ابدأ بما عندك: لا تستنى المعدات، ولا الشركاء، ولا الوقت المثالي. استخدم اللي بإيدك اليوم.
-
حدد هدف واضح صغير: ما تحاول تقفز مباشرة لأحلام ضخمة. ابني عادة إنجاز صغيرة يوميًا.
-
وثّق تقدمك: لما تشوف إنك فعلاً عم تتطور، الحافز بيصير داخلي مش خارجي.
-
قلّل الكلام وزيد الفعل: احكي أقل عن نواياك، واشتغل أكتر على تنفيذها.
-
اقبل الفشل كجزء طبيعي: كل خطأ بتعمله هو درس بيوصلك أقرب لنسختك الأفضل.
النهاية: الظروف مش عذر، هي اختبار
الحياة مش عادلة، وهاي مش مفاجأة. بس العدالة الحقيقية إن الكل عنده خيار يتحرك أو يوقف.
اللي بينجح مو لأنه ما عنده مشاكل، بينجح لأنه قرر ما يخلي مشاكله توقفه.
القوي مش اللي بعيش بظروف مثالية، القوي هو اللي بيصنع إنجاز رغم ظروفه.
واللي بيحكي “أنا بستاهل أكتر”، لازم يسأل نفسه: بستاهل بناءً على شو؟ على كلامي؟ ولا على أفعالي؟
اللي بيصنع الفرق مش الحظ، ولا الظروف، ولا الناس. الفرق دايمًا كان — وسيبقى — بالعمل.
لذلك، قبل ما تشتكي، اشتغل. قبل ما تبرر، تحرك. قبل ما تحلم، نفّذ.
وكل خطوة صغيرة بتاخدها اليوم، حتى لو مترددة، أقرب بكتير من ألف تبرير مثالي ما عملك تتقدم خطوة وحدة.
المصادر:
-
Simon Sinek – Start With Why
-
Angela Duckworth – Grit: The Power of Passion and Perseverance