اليوم الموضوع حساس شوي، بس لازم نحكي فيه بصراحة.
موضوع "التأثير الأنثوي في بيئة العمل" مش عن النسوية ولا عن التمييز، هو عن واقع حقيقي عم نعيشه يومياً في كثير من الشركات العربية، وخصوصاً في الإدارات اللي بتتعامل بالعاطفة أكثر من المهنية.
لما يكون وجود الأنثى سبب للحذر الزائد
خليني أوضح الصورة:
بتصير مشكلة بين موظفين، واحد رجل والثاني أنثى، بغض النظر عن السبب أو التفاصيل.
النتيجة المتكررة؟
غالباً بيُحمّل الرجل الخطأ، مش لأنّه فعلاً غلط، بل لأنّ الإدارة بتخاف من فكرة “ما بصير ترفع صوتك عليها”، أو “هي بنت، خليك أهدى”، أو “بدنا نجنّب المشاكل”.
طيب وين المهنية؟ وين مبدأ العدالة في التعامل داخل المؤسسة؟
اللي بصير فعلياً إنو الطرف الأنثوي بيتحوّل بدون قصد لطرف “محمي” من المحاسبة، ومش لأنّها طالبة هيك، بل لأنّ الإدارة نفسها تبني هاد الحاجز الوهمي بحسن نية، لكنها تدمر بيئة العمل بدون ما تحس.
أثر هالغباء الإداري على بيئة العمل
هاد النوع من التصرفات بخلق فجوة ثقة بين الموظفين، خصوصاً الذكور اللي بيتعاملوا مع زميلات.
بعد كم موقف مشابه، بصير في حاجز نفسي لا إرادي، بصير الموظف يتجنب أي احتكاك مهني مباشر،
وإذا اضطر للتعامل، بيكون كلامه محسوب بالحرف، نظراته محسوبة، وحتى مزاحه الطبيعي بيختفي.
ليش؟ لأنه خايف. مش من الأنثى نفسها، بل من “النظام” اللي بيعتبر أي خلاف معها “تجاوز”.
النتيجة؟
بيئة عمل متوترة، فيها مجاملات مصطنعة، وغياب للتفاعل الطبيعي، وكل حدا عم يشتغل “بحذر مَرَضي”.
لما يتحوّل الحذر إلى نفور
المشكلة إنو مع الوقت، هذا الحذر بيتحوّل لشعور نفور.
الرجال بصيروا ما يحبوا يشتغلوا بفريق فيه نساء، مو لأنهم ضدهم، بالعكس، بس لأنهم تعبوا من انعدام التوازن بالمعاملة.
وصار في نمط جديد من “التمييز العكسي” من الإدارة نفسها بدون ما تدري.
الأنثى اللي المفروض تكون عنصر دعم وإضافة للفريق، صارت تُشوف كعنصر ممكن يسبب مشكلة لو صار خلاف.
وهاد الشي بضرها قبل ما يضر غيرها.
كيف بدأ يتكوّن هالنمط؟
السبب مش النساء ولا الرجال، السبب الإدارات اللي ما عندها نضج مهني بالتعامل مع المواقف.
في بيئات العمل السليمة، الخطأ خطأ بغض النظر عن جنس صاحبه،
بس للأسف، في إدارات بتتعامل بعاطفة مبالغ فيها:
“ما بدنا نظلمها، ما بدنا نسبب إحراج، خلينا نطوي الصفحة”
وهيك بتطوي العدالة معاها.
ومع الوقت، بيصير في رسائل غير مباشرة بالبيئة كلها:
“إذا الطرف الثاني بنت، انتبه، انت الخسران.”
رسالة بتدمر الثقة، وبتزرع خوف، وبتضعف روح التعاون.
الأنثى الخاسرة الأولى
الغريب إنو الأنثى نفسها بتكون الخاسر الأكبر بهيك بيئة،
لأنها بتفقد المساواة الحقيقية اللي كانت تسعى إلها.
بيصير تقييمها ما يعتمد على شغلها، بل على خوف الناس من التعامل معها.
فحتى لو كانت كفؤة ومهنية، رح تواجه برود من زملائها،
مش كرهاً فيها، بل خوفاً من عواقب أي تفاعل بسيط ممكن يُفهم غلط.
والمؤسف أكثر إنو في بعض النساء – مش الكل – بيستغلوا هالمعادلة،
بيعرفوا إنو الإدارة واقفة بصفهم دائماً، فبيستعملوا “الأنوثة كسلاح” في الخلافات،
وساعتها بيختفي الاحترام المهني تماماً،
وبيتحوّل الشغل لمسرحية من العلاقات والاصطفافات والاتهامات.
القيادة الحكيمة تعرف توازن
المدير الذكي ما بيشوف رجل أو امرأة،
بيشوف موظف أخطأ أو أصاب، نقطة.
التعامل المهني يعني إنو الخطأ يُحاسب عليه صاحبه بغض النظر عن الجنس،
وإنو أي قرار إداري لازم يُبنى على وقائع، مش على خوف من ردة فعل المجتمع أو الصورة الخارجية.
القيادة الواعية بتعرف كيف تحفظ الاحترام للطرفين بدون ما تفقد العدالة.
يعني ممكن تحترم الأنثى، وتحميها من الإهانة،
لكن بنفس الوقت تحاسبها لو أخطأت،
تماماً مثل ما تحاسب الرجل لو تجاوز.
الاحترام ما يعني التنازل عن العدالة،
والعدالة ما تعني القسوة.
التأثير النفسي داخل الفرق
في فرق العمل المختلطة، المشاعر بتكون دقيقة جداً.
الموظف الذكر صار عنده حساسية مفرطة من أي سوء فهم،
والموظفة الأنثى صارت تعيش ضغط إنّها دايماً “تُرى” كمصدر خطر محتمل.
حتى لو ما عملت شي، الناس حذرين منها زيادة عن اللزوم.
وبالتالي، بيموت جو التفاعل الطبيعي، وبصير التواصل سطحي وبارد.
هاد المشهد بيتكرر كثير:
اجتماع عادي، ملاحظة بسيطة من موظف لأنثى،
ممكن تُفسر غلط، تتضخم، توصل للإدارة،
والنهاية؟ “رجاءً المرة الجاي خليك لبق أكثر.”
بينما الموقف لو كان بين رجلين، كان خلص بضحكة.
لما نحتاج نعيد تعريف “الاحترام”
الاحترام الحقيقي مش إنك تخاف تتعامل،
ولا إنك تسكت عشان تتجنب المشاكل،
الاحترام هو إنك تتعامل بندّية، بوضوح، وبمسؤولية.
الأنثى في مكان العمل لازم تكون زميلة، مش “استثناء”.
لازم تكون قادرة تعترض، تناقش، تنتقد، وتتحاسب بنفس المعايير.
والرجل لازم يتعلم يتعامل باحترام مش بخوف،
يتكلم بثقة مش بتوتر،
ويعرف إنو التعامل المهني ما فيه “يجوز أو لا يجوز”،
فيه فقط “صح أو غلط”.
خلاصة الكلام
الموضوع مش ضد النساء، ولا مع الرجال،
هو ضد الإدارة الضعيفة اللي بتخلط الإنسانية بالمجاملة،
واللي بتظن إن “اللطف” مع طرف يعني “العدالة”.
اللي بدنا نوصله:
الأنثى مش كائن هش بحاجة لحماية دائمة،
والرجل مش متهم جاهز لازم يعتذر عن وجوده.
المطلوب بيئة عمل تحترم الاثنين بنفس القدر،
تحاسب بعدل، وتتعامل بعقل.
لأن المؤسسة اللي ما تعرف توازن بين العدل والاحترام،
رح تخسر الاثنين:
الاحترام من موظفيها،
والثقة بينهم.
الجزء الثاني: لما تصير “الأنوثة” محور القرار الإداري
هون راح نحكي بالأمثلة الواقعية اللي بتصير كل يوم وبتكشف مدى خطورة هالظاهرة لما تصير “الأنوثة” مش مجرد صفة، بل عامل مؤثر بالقرار الإداري.
خذ مثال بسيط:
موظفة صار بينها وبين زميلها نقاش حاد حول طريقة إنجاز مهمة.
هي رأت إنو أسلوبه غير احترافي، وهو شاف إنها بتتدخل بشغله بدون داعي.
الموضوع عادي جداً، بيصير بكل الأقسام.
لكن فجأة صار ملف، واجتماع، وتقرير، ومدير بيحكي:
“ما بصير ترفع صوتك بوجهها، احترم إنك عم تتعامل مع بنت.”
هون تحديداً بتم تدمير مبدأ المساواة بالكامل.
ليش؟
لأنك ما قدرت تفرق بين “زميلة عمل” و”امرأة خارج بيئة العمل”.
الحدود هون لازم تكون مهنية بحتة، مش مبنية على العادات الاجتماعية.
لما العاطفة تتحكم في التقييم
أحياناً بتلاحظ إن التقييم السنوي، أو حتى الترقيات، فيها أثر غير مباشر من هالخلط الإداري.
في كثير بيئات، المدير بيتردد بتقييم أنثى بصرامة خوفاً من إنو يُفهم إنه ضدها أو “ظالمها”.
فبيعطي ملاحظات ناعمة، تقييم مرتفع، وبالمقابل بيشدّ على الموظفين الذكور باعتبارهم “يتحملوا”.
النتيجة بعد فترة؟
ظلم مزدوج.
الأنثى نفسها ما بتعرف وين لازم تطوّر حالها فعلياً لأنها ما عم تاخد نقد صادق.
والرجل بيحس إنه مهما اجتهد، النتيجة محسومة ضده لو صار أي خلاف.
لما تبدأ الإشاعات تقتل البيئة
من أخطر الآثار الجانبية لهالظاهرة، إنو العلاقات الطبيعية بين الزملاء بتصير مادة إشاعة دائمة.
مجرد جلسة نقاش أو ابتسامة مهنية ممكن تتحول لـ “أكيد في شي بينهم”،
ومجرد رفض أو اختلاف بالآراء يصير “هو زعل لأنها ما رضيت عليه”.
بيئة العمل، لما تفقد قدرتها على الفصل بين الطبيعي والمفتعل،
بتتحول لساحة شكوك، كل حركة محسوبة، وكل كلمة تُفسّر بألف طريقة.
وبهيك جو، مستحيل يبدع أحد.
المشكلة الأكبر: ثقافة “ما بدنا مشاكل”
في كتير إدارات، لما يصير أي خلاف بين رجل وامرأة، أول جملة بتسمعها:
“خلص خلينا نطوي الصفحة، ما بدنا مشاكل.”
وهي الجملة أخطر من المشكلة نفسها،
لأنها بتعلّم الكل إنّ السكوت حلّ.
فما حدا بيتعلم من الخطأ، وما حدا بيتحمل مسؤولية.
وكل مرة بتنعاد القصة، وبنفس السيناريو.
النتيجة؟
موظفين بيشتغلوا على أعصابهم، ومدراء بيخافوا ياخدوا قرارات،
وفريق العمل بيتعامل ببروتوكولات باردة، بلا روح، بلا وضوح.
لما تكون الأنثى بنفسها ضد هالأسلوب
الكثير من النساء أصلاً بيكرهوا هالنمط من المعاملة.
الأنثى الذكية المهنية بتشوفه تقليل من قيمتها، وكأنها “كائن حساس” لازم يُعامل بخوف.
هي بدها تعامل عادل، واضح، ومباشر،
بدها حوار صريح، مش مجاملات خبيثة.
بتعرف إنه احترامها الحقيقي بيجي لما تُحاسب مثل غيرها،
مش لما يخففوا عليها أو “يسكّتوا عن خطأها” باسم اللباقة.
وفي كثير موظفات بيحكوا بوضوح:
“احكوا معي مثل أي زميل، ناقشوني بمهنية، مو بعاطفة.”
وهاد بالضبط الشي اللي لازم نوصله.
لازم الإدارة تكون حازمة مش حساسة
الإدارة اللي بتتعامل بخوف من “رأي الناس” أو “الانطباع” بتفقد احترام فريقها.
الموظفين ما بدهم مدير لطيف، بدهم مدير عادل.
العدل مش دايماً مريح، بس دايماً بيحفظ التوازن.
يعني لو صار خطأ من موظفة، المفروض تُحاسب بوضوح، مش بصوت خافت.
ولو صار تجاوز من موظف، لازم يتحاسب بنفس المعيار.
المسألة مش ذكورة وأنوثة، المسألة التزام واحترام للقواعد.
المدير القوي هو اللي يعرف يقول “الحق معك” بدون ما يفكر بمين قالها،
و”أخطأت” بدون ما يخاف من كيف تُفهم.
أثر هالخلل على المستقبل المهني
خلينا نحكي عن نقطة دقيقة:
لما يستمر هالنمط، الرجال بصيروا يتجنبوا تدريب أو إشراك النساء بالمشاريع المهمة،
مو لأنهم ضدهم، بل لأنهم خايفين من أي سوء فهم أو تهمة.
فبتنحرم الموظفات من فرص التطور، وبتتراجع فرص تمكينهم فعلياً.
وهيك بيكون النظام نفسه، اللي نوى يحميهم، هو اللي كسرهم.
بيصير في فراغ غير معلن:
“خلي فلان يشتغل مع فلان، ما بدنا وجع راس.”
وهي الجملة كافية لتقويض كل جهود “المساواة” اللي انحكت بالشركة.
ثقافة “الاستثناء” خطر دائم
طالما في بيئة فيها “استثناءات” قائمة على الجنس أو المزاج،
ما راح تكون مهنية أبداً.
المؤسسات اللي بدها تنجح لازم تكون واضحة:
الخطأ خطأ، والاحترام للجميع، والمحاسبة للجميع.
الأنثى مش محتاجة حماية، محتاجة عدالة.
والرجل مش محتاج امتياز، محتاج إنصاف.
خطوات عملية لعلاج الظاهرة
-
سياسات مكتوبة وواضحة
أي خلاف داخل بيئة العمل لازم يُدار وفق سياسة رسمية، مش انطباعات شخصية.
ما في شي اسمه “نتعامل مع البنت بهدوء أكثر” أو “هو رجل فليتحمل أكثر”.
في قانون سلوك مهني واحد يطبق على الكل. -
تدريب الإدارات على الذكاء العاطفي المهني
لازم المدير يعرف يفرّق بين التعامل الإنساني والتعامل المهني.
الإنسانية مطلوبة، بس العاطفة الزائدة مدمّرة. -
تشجيع التواصل الصريح بين الجنسين
الحوار الواضح بين الزملاء بيسحب السمّ من الجوّ.
لما يكون في شفافية، بتختفي التفسيرات الخاطئة. -
تقدير الأداء لا المظاهر
خففوا المجاملات، واشتغلوا على مؤشرات أداء فعلية.
لا المدح المبالغ فيه مفيد، ولا الخوف من المواجهة محترم. -
خلق ثقافة “الندية” الطبيعية
لما كل موظف يشعر إنه زميله ندّ له، مش خصم أو خطر،
بيصير التعاون أسهل، والإنتاجية أعلى.
كلمة أخيرة
البيئة السليمة هي اللي بتقدر الأنثى بدون ما تقدّسها،
وتحترم الرجل بدون ما تبرّره.
هي اللي بتشوف الاثنين بعين واحدة:
عين العدل.
بمجتمعاتنا العربية، لازم نراجع كيف نفهم فكرة “يجوز أو لا يجوز” داخل العمل.
العمل مش مسجد ولا صالون اجتماعي،
العمل منظومة مهنية فيها قواعد واضحة.
طالما خلطنا الدين بالعادات بالعاطفة بالإدارة،
رح نضل نعيد نفس الأخطاء ونستغرب ليه بيئاتنا مليانة توتر وكبت.
المطلوب ببساطة: العدالة أولاً، والعاطفة أخيراً.
وقتها بس، رح نقدر نبني بيئة عمل فعلاً محترمة،
فيها المرأة والرجل يشتغلوا جنباً إلى جنب،
مش واحد بخوف، والثاني بخجل،
بل الاثنين بثقة، وكرامة، وعدل.